أنه من أباء طور سينا، ومن أبناء القديس سلوانس بجبل سيناء، قد تدبر بالتدبير النسكي الذي لإيليا النبي..
كان في مغارته التي تبعد عن الدير بضعة كيلومترات.. كان يسلك بنسك شديد، ومشهوداً له بالقداسة والفضيلة.. قضى في تلك المغارة أربع وخمسون عاماً حتى أنه ارتفع في السيرة الروحانية.. كان يحضر قداسات الدير دون أن يراه أحد ما مثلما يسلك الآباء السواح..
وفي أحد الليالي جاء إليه أخ ليسأله أسئلة تخص حياته الروحية ويتبارك منه، فوجد مغارته مغلقة وطاقتها التي لا يزيد ارتفاعها عن متر واحد يخرج منها شعاعاً من النور الذي يملأ المغارة، فاندهش لذلك، وظل واقفاً عند الباب ثلاث ساعات، ولما أنهى القديس صلواته التي كانت مثل عمود نور يتصل بالسماء، قرع الباب فلما فتح القديس لم يستطع أن يحدق في وجهه من شدة النور الخارج من وجهه مثل شعاع الشمس.
كان القديس قد علم بقوة الروح الساكن فيه، إن ذلك الأخ شاهد النور أضاء أثناء صلواته. وعندما سأله هل رأيت شيئاً غريباً يا ابني. إنك بالحقيقة قد رأيت شيئاً ولم تخبرني..
فلما ألح عليه أجاب الأخ قائلاًً : ان الرب يسوع المسيح هو الذي يمجد قديسيه.. فعلم أن الرب قد كشف للأخ ذلك.. ثم جلس معه وكلمه كلاماً روحياً، وبعد أن انصرف استدعى تلميذه قائلاً له:
يا ابني أني سوف أعتزل عن البشر لأجل تمجيد الناس واكرامهم لي إذ ينبغي أن مجد الرب هو الذي يضئ فهو وحده الممجد وليس غيره، أما نحن البشر فأننا خطاة وضعفاء..
لكن اطمئن فسوف أحضر معكم الصلوات والبعض سيراني ولن آتي إلى هذا المكان ثانية إلا وقت نياحتي.
ولما سأله أين أنت ماض يا أبي أجابه: الرب يعلم يا ابني ثم قبله وودعه وسار في البرية إلى أن جاء إلى مغارة بعيدة لا يعرفها أحد ما.. وعاش فيها بصلوات لا تنقطع ليلاً ونهاراً مسبحاً الرب يسوع المسيح كل حين وكان يقتات ببعض حشائش البرية وماؤها..
وبعد سبع سنوات أتى القديس إلى قلاية تلميذه وقرع بابها، فلما رآه اندهش ورشم علامة الصليب المقدس. فقال القديس حسناً فعلت يا ابني لأن الشياطين تظهر بأشكال متنوعة كثيرة وقد يظهرون بشكل قديسين..
بعد ذلك قال له أنا هو أبوك إيليا، وعندما سأله عن سبب اختفائه تلك الفترة أجابه : قلت لك يا ابني أني لا أقبل مديح الناس..
وعندما سأله أيضاً أين كنت مقيماً أجابه كنت في مغارة بعيدة لا يعرفها أحد ما في داخل البرية، وكنت أحضر قداسات الدير ولكن ليس الكل كان يراني.. وكنت أتناول من الأسرار المقدسة فقال تلميذه : أني لم أراك يا أبي ، أجابه هذه مشيئة الله.. وقد حضرت الآن إليك لأني سأنطلق إلى الحياة الدائمة وأترك هذا الجسد فصلى علي قليلاً ، وادفن جسدي في هذه المغارة التي مارست فيها نسكياتي الكثيرة..
ثم قبل تلميذه، وصلى وأفرد جسمه وأسلم الروح ، فبكى تلميذه كثيراً ومضى, أخبر رئيس الدير بنياحته فحضر ومعه أباء الدير وصلوا عليه ثم حفروا قبراً في مغارته، ودفنوه باكرام جزيل.
وسبحوا الله الممجد في قديسيه..
الذي له المجد والاكرام والسجود كل حين الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين أمين