أخبروا عن شيخٍ قديسٍ، إنه كان داخلاً إلى مدينةٍ لها أميرٌ كبير، وكانت له ابنهٌ، قد قاربت الموتَ، فلما رأى القديسَ، أمسكه وأعاقه من السفرِ قائلاً له: «لن أُطلقَك حتى تصلِّي على ابنتي فتعافى»، فتبعه الشيخُ إلى موضع الصبيةِ، ووقف فوق رأسِها، وبسطَ يديه قائلاً: «أيها الربُّ العارف بخيرة النفوس، يا علام الغيوب، يا من لا يشاء أن يَهلكَ أحدٌ من جنسِ البشر، أنت تعلم خيرة هذه الصبيةِ، إرادتك افعلها معها».
وللوقتِ أسلمت الصبيةُ روحَها، فصاح أبوها على الشيخِ قائلاً: «وا ويلاه منك يا شيخُ، فإن كنتَ لم تقدر أن تقيمها، فلا أقل من أن تعطيها لي كما كانت، وإلا فلن أطلقَ سبيلَك»، فطلب الشيخُ من اللهِ، فعادت نفسُها فيها بطلبةِ الشيخ دفعةً أخرى.
ولما عوفيت، لم تَلبَث أن سارت سيرةً رديئةً، فأفسدت جلالَ أبيها، فمضى إلى موضعِ الشيخِ، وطلب منه قائلاً: «أريدُ أن تموتَ، فقد عاشت عيشةً رديئةً، وأنا أحتشمُ أن أمشي بسببها»، فقال له الشيخُ: «أنا قد طلبتُ من اللهِ الخيرَ فيما يريد، وقد علم الله أنَّ موتَها أصلح، لكنك لم تُرد، والآن لا شأن لي معك»، ومضى الشيخُ وتركه.